أنواع وأشكال التلوث البيئي ومصادره

يقصد بالتلوث البيئي طرح أو اخراج مواد فائضة لا تتجانس بسهولة مع عناصر ومكونات المحيط الحيوي مما يؤثر في قدرته على استيعابها وتنظيم وجودها كما وكيفا في النظام البيئي .

وهذا ما يؤدي إلى تغيرات جديدة في هذا النظام ينتج عنها أضرار أو إزعاج أو أمراض أو زوال کلي للكائن الحي سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر.

ويطلق على مسببات التلوث البيئي الملوثات ، وهذه تختلف فيما بينها من حيث ماهيتها، وتركيبها، ومصادرها ، وفعالياتها السلبية على الكائن الحي. وتنتشر الملوثات انتشارا واسعا في الهواء والماء والتربة والغذاء . ويمكن تصنيف أنماط التلوث البيئي إلى ما يلي :

التلوث الهوائي ( الجوي ):

يشكل الغلاف الجوي للقشرة الأرضية مصدرا رئيسا للهواء الذي تحتاجه الكائنات الحية في حياتها . فهو يحتوي على نسبة ثابتة تقريبا لكل من غاز الأكسجين 21% والنيتروجين 78% وثاني اكسيد الكر بون 0.03% وعلى ما نسبته 1% من الغازات الخاملة كالارغون والهيليوم وغيرها . هذا بالاضافة إلى الأبخرة المائية التي تفاوت نسبتها من 1% في الهواء الجاف البارد إلى 4% خلال الفصل الرطب في المناطق الاستوائية . وأي خلل في نسب مكونات الهواء أو دخول غازات أو جسيمات غريبة فيه يؤدي إلى تلوثه. ويمكننا أن نعزو تلوث الهواء إلى ما يلي :

1- التلوث من مصادر طبيعية كالعواصف الترابية والبراكين .
2- التلوث من مصادر من صنع الإنسان و يشمل ذلك : عوادم وسائط النقل ، والمصانع ، والنشاطات المنزلية ، والحرائق ، والمصادر الاشعاعية.

ومن محاولات دول العالم للسيطرة على مشكلة تلوث الهواء ما يلي :

أ- تغيير أنواع الوقود المستعملة المسببة للتلوث. فمثلا تعتبر نواتج الغاز الطبيعي أقل تلويثأ من الفحم والوقود البترولي .
ب – التوسع في استخدام مصادر الطاقة البديلة ، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة النووية ، مع اتخاذ الاحتياطات المناسبة .
ج- استخدام المصانع للتقنيات والأساليب التي تقلل من نسبة الملوثات المنبعثة إلى الهواء ومن درجة خطورتها .

هذا وينبغي اتخاذ خطوات فنية للحد من تلوث الهواء والمحافظة على نقائه ، ومن ذلك : الزام الصناعات الملوثة للهواء بالعمل على تركيب مرشحات خاصة تقلل من نسبة الملوثات المنبعثة ، واختيار مناطق خاصة مع تحديد الاسس الفنية اللازمة ، لاقامة الصناعات والمراكز الحرفية والكسارات ومقالع الرمل وخلاطات الأسفلت .

التلوث المائی :

تعاني معظم دول العالم من تلوث مياه بحارها و بحيراتها وأنهارها والمياه الجارية الصالحة للاستعمال ، و يعود هذا التلوث إلى أسباب عدة منها :
1- التلوث بالكائنات الحية المسببة للأمراض.
2- التلوث بالمواد العضوية وغير العضوية التي تلقيها الصناعات ومجاري البيوت .
٣- التلوث الحراري الناتج عن تبريد المفاعلات النووية وطرح مياه المصانع الحارة
في الأنهار والبحار.
4- التلوث الحركي الناتج عن حركة القوارب والسفن أو بناء السدود .

وتؤدي مسببات التلوث السابقة إلى انخفاض في نسبة الاوكسجين في الماء، مما يؤثر على حياة الكائنات الحية في الماء ، و يشجع تكاثر الكائنات الدقيقة ذات التنفس اللاهوائي بما تسببه من مشكلات وأمراض.

ولحماية التجمعات المائية يجب الزام جميع الصناعات القائمة على الأحواض المائية بتركيب محطات تنقية للمياه العادمة ، واتخاذ الاجراءات اللازمة للحد من تلوث هذه الأحواض بالمبيدات والمواد الكيميائية والأسمدة ، وانشاء شبكات مجاري عامة تخدم التجمعات السكانية القائمة على الأحواض المائية ، اضافة إلى الفحوصات اليومية لمياه الشرب .

التلوث الإشعاعی :

إن تعرض أجسام الانسان والحيوانات إلى الاشعاعات النووية بصورة مستمرة وخاصة عندما تكون تلك الاشعاعات عالية جدا قد يسبب الموت المفاجيء، أو يسبب التشوهات الوراثية التي يستمر تأثيرها الضار على الأجيال القادمة. وقد أكدت الدراسات والابحاث العلمية ان للإشعاعات و بالذات ما يستخدم منها في العلاج تأثير واضح على الخلايا الجنسية خاصة اذا تكرر تعرض الجسم لها.

ويعتمد الخطر الناتج عن أي مادة مشعة على موقع التأثير البيولوجي الحاصل في جسم الانسان من تلك المادة المشعة ، فمثلا قد نجد أن عنصر الاسترنتيوم الذي يدخل إلى جسم الانسان عن طريق طعامه وشرابه ، يختزن في عظامه و يتركز بالقرب من النخاع فيؤثر على نشاطه الخاص بإنتاج كريات الدم الحمراء.

التلوث بمبيدات الآفات :

تعد معظم المبيدات مواد سامة وقاتلة بالنسبة لأنواع معينة من الحشرات والآفات الزراعية . ويستخدم الإنسان المبيدات للمحافظة على النباتات وذلك بالقضاء على الحشائش الضارة والفطريات المرضية وغيرها من الآفات .

ولقد زادت في السنوات الاخيرة استعمالات المبيدات الكيميائية لمكافحة الحشرات الضارة رغم خطورتها على التوازن الطبيعي في النظام البيئي ، وآثارها الضارة والسامة على الانسان.

وتشكل المبيدات خطرا على صحة الانسان اذا لم يراع الانسان التعليمات الخاصة باستعمالها ، والانتباه إلى فترة الامان ( زمن آخر رشة قبل القطف )، واتخاذ الاحتياطات الضرورية لتخزينها .

ومن مخاطر استعمال المبيدات ما يلي :

1- تقضي المبيدات على الكائنات الحية الضارة والنافعة مما يحدث خللا في التوازن الطبيعي في البيئة.
2- نشوء سلالات من الحشرات تمتاز بمقاومتها لبعض المبيدات .
3- تؤثر المبيدات على صحة الإنسان على المدى الطويل .

التلوث الضوضائی :

تتلوث البيئة بالضوضاء والاصوات ذات الشدة العالية نتيجة الأنشطة الحركية الصناعية المتزايدة للإنسان. وقد ثبت أن الكثير من الآلات تحدث ضجيجا يصعب تحمله لفترة طويلة دون آثار .

فالطائرات والقطارات والسيارات والات المصانع المختلفة أمثلة على مصادر للموجات الصوتية عالية الذبذبة تسبب تلوث البيئة بالضوضاء، وتؤثر على حاسة السمع عند الإنسان. وقد يكون هذا التأثير كبيرا بحيث يؤدي إلى فقدان السمع وارهاق الأعصاب حتى الجنون في بعض الحالات.

كما يؤثر الضجيج على سلوك وعواطف الإنسان مما يقلل من إنتاجيته . هذا عدا عن تعرضه لأمراض القلب والجهاز الهضمي والصداع المزمن والاجهاد . ويمكن التحكم في الضوضاء عن طريق :

1- تخفيض شدة الصوت ، مثل تزییت عجلات المركبات المختلفة واستخدام آلات أقل ضجيجا وإبعاد المطارات والطرق السريعة والمصانع عن المناطق السكنية .
2- اعاقة الوسط الناقل للضوضاء باستعمال المواد العازلة .
3- حماية المستقبل ( أذن الإنسان ) باستعمال أغطية واقية مثلا .

تلوث التربة:

تتلوث التربة بفعل العديد من المركبات الكيميائية والمواد الغريبة عن مكوناتها الأساسية من مواد معدنية وعضوية . وتنتقل الملوثات إلى التربة عن طريق مياه الري والمطر ومع الرياح .

ويحدث التلوث نتيجة تراكم المبيدات الحشرية والعشبية ومخلفات المصانع من غازات واشعاعات ومواد كيميائية إضافة لمخلفات المواد الكيميائية المستخدمة في التسميد.

كما أن المخلفات الانسان الاستهلاكية من زجاج ، ومعادن، ولدائن (البلاستيك)، وأخشاب وأوراق، ومخلفات الأغذية ، أثر كبير في تلوث التربة. وعند تحلل هذه المواد في التربة ، يمتصها النبات فتدخل في تركيب أنسجته . وعندما تتغذى الحيوانات على مثل هذه النباتات ، تنتقل المواد الملوثة إلى أنسجة الحيوان . وهي اتصل بالتالي إلى الإنسان نتيجة تغذيه على النباتات ولحوم وألبان الحيوانات الملوثة .

هذا وقد تكون بعض الملوثات قاتلة للكائنات الحية الدقيقة في التربة ، مما يؤثر على خصوبة التربة ومدى توفر النيتروجين والأكسجين فيها .

التلوث الغذائي :

تعد الأغذية بمختلف أشكالها ومصادرها ملوثة ، إذا دخلتها كائنات حية دقيقة بعض أنواع البكتيريا والفطريات وبيوض الديدان وحويصلات الكائنات وحيدة الخلية الطفيلية. ويتم ذلك إما عن طريق الهواء مباشرة أو عن طريق الحشرات والقوارض. كما قد يتلوث الغذاء أثناء إعداده .
ويعد الغذاء ملوثا أيضا، إذا ارتفعت فيه نسبة المعادن عن الحد المقرر لكل منها . وينتج هذا الارتفاع عن عدة أسباب، منها تفاعل الغذاء مع مادة الأواني التي يطبخ أو يحفظ فيها ، أو باستعمال المواد المضافة المواد الملونة والحافظة والمنكهة .

التلوث الدوائي :

يقصد بالتلوث الدوائي ، الاستعمال الخاطيء لأي نوع من الأدوية من مضادات حيوية أو مسكنات أو منبهات أو منشطات . و يتم الاستعمال الخاطىء للأدوية إما بسبب الجهل بطبيعة الدواء وأثره ، أو عن طريق الادمان على نوع معين من العقاقير.

لذا فإن التقيد بالتعامل مع الدواء بشكل سليم ، ووفق ارشادات الطبيب ، من أهم الأمور التي تساعد في التقليل من أثر التلوث الدوائي.

وتعد التداخلات الدوائية، ومضاعفات استعمال الدواء ، من أنواع التلوث الدوائي. فهناك الكثير من الأدوية التي تسبب تشوهات خلقية أو إضطرابات بيولوجية كرد فعل عكسي.

وتركز الاتجاهات الحديثة لتقليل أثر التلوث الدوائي ، على اعتماد أساليب الوقاية عن طريق التثقيف الصحي ، إضافة لأساليب المعالجة والتأهيل لمدمني المخدرات والعقاقير.

المؤشرات الحيوية لتلوث البيئة :

أدى التلوث في بعض المناطق من العالم إلى اختلال تتوازن العناصر الحمية وغير الحية التي تكون النظم البيئية، فسبب ذلك انهيار تلك النظم البيئية جزئيا أو كليا .

وقد بدت آثار هذا الانهيار على العناصر الحية في كثير من النظم البيئية المائية وعلى اليابسة ، بشكل أدى إلى انقراض بعضها أو إلى زوال النظام البيئي برمته .


فالغابات، مثلا، هي إحدى النظم البيئية التي تأثرت من تلوث الجو في الاماكن المجاورة للمناطق الصناعية في العالم ، وقد نتج عن ذلك خلل في توازنها مما أدى في بعض المناطق إلى انقراضها وإلى تعرية التربة، و بالتالي إلى زوال تأثيرها في البيئة المحلية وزوال فائدتها كمصدر للأخشاب .

هذا ويعتبر زوال الأشنات دلالة على تلوث الهواء، كما أن ظهور أنواع معينة من الطحالب في الماء دلالة على تلوثه .

مصدر الصورة
pixabay.com

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

مبادرة الحزام الأزرق لحماية التنوع البيولوجي للمحيطات

محمد التفراوتي من الجميل أن تلتف القارة الافريقية بحزام الاستدامة وحماية التنوع البيولوجي البحري، والاجود …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *