قصة الشاي .. اكتشافه وتصنيعه

الشاي مشروب منعش لطيف ، ولعله من أكثر المشروبات انتشارا في العالم ، فنحن العرب نشرب الشاي كل يوم في الصباح وفي المساء ، وأهل الغرب وبخاصة الإنجليز يتناولونه في الصباح وبعد الظهر ، وأهل الشرق وبخاصة سكان التيبت والأفغان يقبلون على شربه عدة مرات خلال اليوم ، وهو من المشروبات المفضلة في الشتاء والصيف على السواء .

والصينيون ينسبون فضل معرفة الشاي إلى إمبراطورهم شين يونج ، ويقولون إنه كان يعنى بغلي الماء قبل شربه ، لضمان نقاوته ، وفي أثناء غليان الماء سقط في الوعاء بضع ورقات كانت عالقة بعض الأغصان الجافة ، التي جعلها وقودا ، فإذا بالماء قد تلون ، و کسب طعما لذيذا من تلك الأوراق .

أما الهنود فينسبون فضل معرفة الشاي إلى ناسك بوذي ، كان يعيش في بلادهم قبل المسيح بعهد طويل ، وكان يسهر لياليه متعبدا ، وكان النعاس يغلبه لولا أنه قطف بضع وريقات من شجرة قريبة منه ، ومضغها وامتص عصارتها ، فولى عنه النوم ، وأحس نشاطا عجيبا ، ومن هذا الوقت عرف الصينيون والهنود أوراق هذا النبات الجديد ومن الصين والهند عرف العالم نبات الشاي .

وقد عرف الشاي في أوربا في القرن السادس عشر ، ولم يصبح ذا قيمة اقتصادية إلا في القرن السابع عشر الميلادي ، وكان شربه وقتئذ مقصورة على طبقة الأغنياء .

وقد عمت عادة شرب الشاي في المائة السنة الأخيرة ، حتى أصبح الآن من أهم المشروبات حيث يستعمله نصف سكان العالم ، ويعتبر شرب الشاي في الصين عادة تقليدية مقدسة .

و تعتبر بريطانيا أكبر الدول المستهلكة للشاي في العالم ، إذ تستهلك أكبر كمية من شاي الهند وسيلان ، وتليها الولايات المتحدة الأمريكية ، ثم أستراليا ، ثم الاتحاد السوفيتي وكندا وهولندا .

وبعد أن تزرع شجيرة الشاي بالبذور ، تنمو حتى ترتفع إلى نحو متر ونصف متر حاملة أوراقا طويلة ، سنة الأطراف، دائمة الخضرة .

وإذا بلغت الشجيرة أربع سنوات أخرجت أوراقا صالحة للجنى والعرض في الأسواق ، ويستمر جمعها من أبريل إلى أكتوبر ، ويستمر الجمع طول العام في المناطق ذات الحرارة المرتفعة .

وتقوم النساء غالبا بقطف الأوراق ، فينتقلن من شجرة إلى أخرى ، لقطف الأوراق الصغيرة ، ورقة ورقة بكل عناية ، لأن قطف الأوراق يجب أن يتم في رفق وعناية ، ولا تختطف اختطافا ، بل تفصل بظفر الإبهام ، وتجمع في سلال خاصة .

ولهذا لا غنى عن تدريب النساء على القطف الجيد ، دون تشوبه للأوراق ، ولا مفر من تمرينهن لكي يحسن اختيار الأوراق التي ينبغي قطفها، ذلك أن أوراق شجرة الشاي لا تصلح كلها للغاية المرجوة من الشاي ، ولا يصلح منها لهذه الغاية إلا تلك الأوراق التي تحملها بعض أغصان الشجيرة الجانبية ، وقد لا تجد القاطفة المدربة إلا غصنين من تلك الأغصان في الشجرة الواحدة ، ولا تجد القاطفة يسوى بضع أوراق صالحة من كل غصن .

ولعلك تحسب أن هذه الأوراق تكون حاضرة لصنع مشروب الشاي وهي في حالتها الطبيعية الخضراء ، فلا تحتاج إلا إلى قطفها ووضعها في الماء المغلى لكي تحصل منها على المشروب اللذيذ، والحقيقة خلاف ذلك، إذ لا بد من مرور تلك الأوراق بمراحل مختلفة ما يسمى بصناعة الشاي قبل أن تصبح صالحة لإعطائنا مشروب الشاي المعروف .

وأول هذه المراحل مرحلة التجفيف ، التي تأتي بعد قطف أوراق الشاي مباشرة، ويجرى تجفيف هذه الأوراق داخل حجرات مسقوفة حسنة التهوية ، وذلك بنشرها على أرفف ، إلا أنه لا يسمح لها بأن تجف تماما ، بل تنقل من تلك الحجرات حالما تجف قليلا وتذبل .

وتأتي بعد التجفيف مرحلة التجزئة ، وهي المرحلة الثانية من مراحل تصنيع الشاي ، فتوضع أوراق الشاي في أجهزة خاصة تجزئ تلك الأوراق ، بحيث تصبح أشبة بالعيدان الصغيرة منها بأوراق النبات .

ويمضون في تحضير الشاي بعد ذلك على إحدى طريقتين ، فإما طريقة التخمير التي تعطينا الشاي الأسود وإما طريقة التبخير التي تعطينا الشاى بلونه الأخضر الطبيعي .


وجدير بالذكر أن طريقة التخمير تستغرق نحو 26 ساعة ، وتساعد كثيرا على إبراز نكهة الشاي ورائحته الخاصة ، وهي الطريقة الشائعة في الهند وسيلان واندونيسيا وماليزيا وغيرها من البلاد التي تنتج الشای .

أما طريقة التبخير فلا تستغرق مثل ذلك الوقت وهي شائعة في الصين واليابان ، حيث يفضل الناس شرب الشاي الأخضر والاستمتاع بنكهته الخاصة .

مصادر الصور
pixabay.com

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

في المستقبل المزارع العمودية داخل بنايات المدن الحديثة

على غرار حدائق بابل المعلقة والتي اعتبرت من عجائب الدنيا، برزت فكرة بناء المزارع العمودية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *